سؤال صعب وخطير
وليست الإجابة بالأمر السهل أو إلهين.
تقييم جسم طيني يعيش في القرن الواحد والعشرين، فهذا
الجسم الطيني غلاف لسر مكنون، إن غاب عنا جوهره فقد دل علينا أثره، ذلك السر هو
معنى الإنسانية.
فما قيمة المشاعر والأحاسيس في دنيا طغت عليها المادة، وانعدمت أبسط القيم ..
والمبادئ .. والأخلاق
ما قيمة الإنسان كإنسان؟؟!
ما قيمة الإنسان الذي اختاره الله ليكون خليفة في الأرض؟
ما قيمة الإنسان الذي ميزه الله سبحانه وتعالى بالعقل؟
ما قيمة الإنسان الذي صعد إلى القمر وسار في الفضاء الخارجي؟
ما قيمة الإنسان الذي ظل يخترع ويكتشف، يخطط و يبنى، يؤلف ويكتب، يناضل ويكافح؟
لا ريب أن الإنسان يستطيع أن يتحدى بالصمود أمواج البحار.. ويصعد إلى القمر ..
ويدور في الفضاء الخارجي، و ذلك في سبيل معرفة القرار .. وهذا القرار هو قرار وجوده..
قرار إنسانيته، لأن هذا القرار هو قرار حريته .. وقرار استقلاله.
وقبل أن أصل إلى الإجابة عن أسئلتي، يطرح علىّ سؤال؛ قائلا:-
ما بنت الفطرة لماذا تطرحين هذا السؤال ماذا تريدين؟
فالظلم موجود أليس كذلك؟ نعم. إذن من الذي أوجده؟ الإنسان لأخيه الإنسان؟ إذن ماذا
تريدين؟
إن بنت الفطرة خلقت حرة، والإنسان خلق حرا، يأبى القيود والاستعباد، يأبى أن يكون
آلة ذات روح أو متاعا قائمة به الحياة.
فمن أبشع الصور وأفظع ما يكون من القسوة أو الفظاظة أن ينقلب الحال في القرن الواحد
والعشرين و يعامل الحر معاملة الرقيق، نعم الرقيق (آلة ذات روح)
فلا عجب ولا اندهاش، فهذا واقعنا، نعم واقعنا المؤلم .. واقعنا القاسي.
وهذه هى الحقيقة، دون كذب أو افتراء، نعم الحقيقة التي تقول لقد وصلنا. إلى أين؟
وكيف؟
وصلنا في القرن الواحد والعشرين إلى رق الأحرار بواسطة الجاهلية، فالجاهلية هي
الجاهلية، الجاهلية هي عبودية الناس للناس، بتشريع بعض الناس للناس ما لم يأذن به
الله، كائنة ما كانت الصورة التي يتم بها هذا التشريع.
رق الأحرار له صور جديدة وحديثة منها:
1-رق المادة 2- رق القرار 3- رق الجنسية
ما قيمة الإنسان أمام هذه الاسترقاق وغيره، ما قيمة الإنسان أمام قرار يتخذ ليطبق
عليه فيعجز عن تحقيقه فيظل رقيقا حتى يصدر قرار جديد، و قد لا يصدر فيبقى الحال على
ما هو عليه، أو يطبق عليه ذلك القرار رغما عن أنفه، وعندها لا يجد جمعية الرأفة
بالإنسان في الوقت الذي يجد فيه جمعية الرأفة بالحيوان؟
ومن تدبر الأمر وجد أن رق الأحرار ليس بأفضل حال من رق العبيد، مع مراعاة الأحوال
والظروف والزمان.
فجاهلية القرن الواحد والعشرين ليست فترة من الزمان، و إنما هى حالة من الحالات
تتكرر كلما انحرف المجتمع عن نهج الإسلام في الماضي والحاضر والمستقبل على السواء،
و تتبدل الأحوال ويقف المسلم موقف المغلوب المجرد من القوة المادية، فلا يفارقه
شعور أنه الأعلى ويستيقن أنها فترة وتمضى.
ويقف المؤمن قابضا على دينه كالقابض على الجمر. إذن ..
القيمة الكبرى للإنسان في ميزان الله هي قيمة العقيدة، وأن السلعة الرائجة فى سوق
الله هي سلعة الإيمان، وأن النصر في أرفع صوره هو انتصار الروح على المادة، وانتصار
العقيدة على الألم، تلك هي القيمة الحقيقة للإنسان في ظل الإسلام.
فإن الناس جميعا يموتون، وتختلف الأسباب ولكن الناس جميعا لا ينتصرون، ولا يتحررون
إلا بالعقيدة السليمة.
فالمؤمن لا يستمد قوته وقيمته وتصوراته من الناس، إنما يستمدها من رب الناس فهو
حسبه وكافيه، أليس الله بكاف عبده؟
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المصدر : بيان الاسلام
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق